سِمْفُونِيَّة بَحْر النَّجْلاء وَأَسْمَاكِي .... د. نَاصِر السُّخنِي

   

كَتَبْتُ هَذِهِ القَصِيدَة مُحَاوِلَاً أَنْ أَكْشِفَ لِزَوْجَتِي شَيْئَاً مِنْ مَكَانَتِهَا عِنْدِي بَعْدَ مُرور عَام إِلَّا القَلِيل عَلَى زَوَاجِنَا، وَقَرَأتِهَا لَهَا هَاتِفِيَّاً، فَفَاجَأتْنِي بِالسُّؤالِ عَنْ شَوْقِي لَهَا، وَغَيْرَتِي عَلَيْهَا فِي يَوْمَيّ غِيابهَا عَنِّي. وَقَدْ نَسِيَتْ النَّجْلَاءُ أَنَّنَي كَتَبْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ قَصِيدَة حَتَّى الآن.

القَصِيدَة:

-1-

فَلْتَرْأَفِي بِحَبِيبِكِ الوَلْهَانِ،

وَهوَ الشَّاكِي...

وَلْتَلطفِي بِعَشِيقِكِ المُشْتَاقِ،

وَهوَ البَاكِي...

وَلْتَرْحَمِي قَلْبَ الأَسِيفِ،

بِحَقِّ مَنْ وَلَّاكِ...

-2-

يَا نِعْمَةً لِي

قَدْ شَكَرْتُ اللهَ رَبِّي

فِي صَبَاحِي، فِي مَسَائِي

إِنَّنِي أَصْبَحْتُ فِي هَذِي الحَيَاةِ فَتَاكِ....

وَلَقَد ضَمِنْتُ بِنُورِ حُبِّكِ

أَنْ أَكُونَ بِجَنَّةٍ، فِي غُرْفَةٍ،

وَأُطِلُّ مِنْ شُبَّاكِي...

لِأَرَى بِأَنَّ مَدَائِنَ العُشَّاقِ أَضْحَتْ

فِي يَدِيْ، مُلْكَاً مِن الأَمْلَاكِ.....

يَا مَنْ طَغَيْتِ عَلى النِّسَاءِ أُنُوثَةً،

وَجَمِيعِ كُلِّ العَاشِقَاتِ صَبَابَةً،

حَتَّى غَلَبْتِ الأُقحُوَانَ

بِبَعْضِ قَطْرِ نَدَاكِ....

وَقَهَرْتِ رِيحَانَ الخَمَائِلِ

حِينَ فَاحَ شَذَاكِ....

-3-

نَجْلَاءُ أَكبَرُ مِن خَيَالِ مِسَاحَتِي

فِي هَذِهِ الأَفْلَاكِ...

وَلَهَا مَثِيلٌ رُبَّمَا

بِمَجَرَّةٍ أُخْرَى وَلَيْسَ مَجَرَّتِي

فَالشَّمس وَاحِدَةٌ؛ وَلَيْسَ عَدَاكِ...

أَوْ رُبَّمَا تَتَكَرَّرينَ

إِذَا انْتَهَى هَذَا الزَّمَانُ

وَكَانَ خَلْقٌ آخَرٌ

أَو حَنَّطُوا مُوميَاكِ...

أَوْ رُبَّمَا يَأْتِي زَمانٌ خَارِقٌ

وَتَكونُ مُعجِزَةُ الْعُلُومِ بِـأَنَّهُمْ

يَسْتَنْسِخُونَكِ مِنْ ثَرَى أَشْلَاكِ...

كَيْ يَخلُقُوا لِفُضُولِهم نُظَرَاكِ...

نجلاء؛ مُنْقَطِعٌ نَظِيرُكِ فِي الْوَرى

لا تقلقِي؛

حَتَّى وإنْ قَد حَاوَلُوا لَن يَقدِروا

سَيَكُونُ جِسْمَاً لَيْسَ فِيْهِ صَفَاكِ...

سَيَكُونُ شَكْلَاً لَيْسَ فِيْهِ نَقَاكِ...

سَيَكُونُ شَيْئاً لَيْسَ فِيْهِ وَفَاكِ...

-4-

أَنَا أَسْعَدُ البَشَرِ الَّذِينَ تَقَلَّبُوا بِهُيَامِهِمْ

وَقَد انتَهَى فِيَّ المَطَافُ؛

أُسِرْتُ فِي مَرْمَاكِ...

إِنِّي أَنَا المَلِكُ الأَسِيرُ

حَيَاتهُ الإِبْحَارُ كَالأَسْمَاكِ...

سَافَرتُ فِي بَحرِ الهَوَى

وَقَدِ اخْتَرَعْتُ طَرَائِقَاً

وَقَدِ اكْتَشَفتُ عَوَالِمَاً

بُهِتَتْ أَمَامَ حَلَاكِ...

وَأنَا - بِكُلِّ تَجَارِبِي –

رَحَّالَةٌ فِي الحُبِّ

قَدْ حَطَّتْ سَفَائِنهُ عَلَى خَضْرَاكِ...

-5-

أَنَا أَوْفَر العُشَّاق حَظَّاً

إِذْ وَرِثتُكِ حَيَّةً

أَحْيَيتِنِي بَعدَ المَمَاتِ

لِكَيْ أَنَالَ عَطَاكِ...

وَوَرِثْتِ حَبِّي كُلَّهُ

وَغَنَايَ كَانَ غَنَاكِ...

-6-

أَنَا أَكتُب التَّارِيخَ - تَارِيخَ الهَوَى -

لِتَكُون قِصَّةُ حُبِّنَا

كُبْرَى المَرَاجِعِ فِي الهَوَى

وَسَيَبْدَأُ التَارِيخُ مِن حُبِّي أَنَا: بِلِقَاكِ...

وَسَأَشْطُبُ العُشَّاقَ

قَبْلَ العَاشِقَاتِ

فَكُلّهُم فُقَرَاءُ – يَا نَجْلَاءُ - عِند ثرَاكِ...

وَأَنَا بِكُلِّ تَوَاضعٍ

أَصْبَحتُ أَثْرَى الأَثْرِيَاءِ

لِأَنَّني أَحْيَاكِ...

-7-

أَنَا أَفْضَلُ الشُّعَراءِ وَحْيَاً

مُذ كَتَبتُ الشِّعرَ فِيكِ

فَوَحيُ شِعرِي نَازِلٌ بِسَخَاكِ...

 وَقَدِ اعْتَرفْتُ، وَمَا أَزَالُ

بِأَنَّ شِعْرِي كُلَّهُ

لِلآنَ مَا أَحْصَاكِ...

أَحْتَاجُ مِحبَرةً تُمَدُّ بِجَدْوَلٍ،

أَحْتَاجُ آلاف الدَّفاتِرِ وَالصَّحَائِفِ؛

كَيْ أُحَاوِلَ أَنْ أُحِيط بِفِطْرَتِي سِيمَاكِ...

-8-

كَيفَ الَّذِينَ

خَلَوا مِنَ الشُّعَراءِ قالُوا وَصْفَهُم؛

مَعْ أَنَّهُم مَا عَاصَروا بُشْرَاكِ؟!؟...

كَيفَ الَّذِينَ

سَيَكْتُبُونَ الشِّعرَ بَعدَكِ واصِفِينَ

بِدُونَ وَحيٍ فَجَّرَتْهُ يَدَاكِ؟!؟...

بَلْ كيفَ يَكتُبُ غَيرِيَ الشِّعرَ الجَمِيلَ

مُغَازِلاً - فِي هَذهِ الأَيَّامِ – أَوْ مُتَشَبِّبَاً

مَعْ أَنَّهُم لَم يُصْبِحُوا سُجَنَاكِ؟!...

مَا كَانَ مِنْهُم واحِدٌ فِي الْحَربِ مِنْ أَسْرَاكِ؟!!...

مَا كَانَ مِنْهُم واحِدٌ فِي السَّلْمِ مِنْ طُلَقاكِ؟!...

أَنَا لَسْتُ أَكْتُبُ أَيَّ  شَيْءٍ مُبْهِرٍ لَوْلَاكِ...

أَلغَيْتُ شِعرِي سَابِقَاً

لَمَّا عَلِمْتُ بِأَننَّي

قَد كُنتُ فِيمَا قَدْ مَضَى

أَتَعَلَّمُ الأَشْعَارَ كَي أَهْوَاكِ...

أنتِ احتَويتِ

جَمَالَ كُلِّ الفَاتِنَاتِ،

وَمَا يَرونَ مِنَ الجَمَالِ؛

فَإنَّهُ فَضْلٌ تَفَيَّضَ مِنْكِ بِالإِشْرَاكِ...

-9-

قَدْ كَانَ قَبلُكِ للِغَرَامِ تَطَوُّرٌ

وَمَبَادِئٌ وَقَواعِدٌ

لكِنَّ كُلَّ الأَبْجَدِيَّاتِ الَّتِي وُضِعَتْ لَهُ

كَانَت تُفَتِّشُ عَنْ عَنَانِ سَمَاكِ...

سَيُعَدَّلُ الدّستُورَ أَهْلُ الحُبِّ

حِينَ يَرَوْنَهُ لا يَحْتَوِي خُيَلَاكِ...

فَسَيَعلَمُونَ حَقِيقَةً:

أَنَّ القَوَانِينَ الَّتِي التَزَمُوا بِهَا

سَقَطَت أَمَامَ بَهَاكِ...

-10-

وَلِأَجْلِ ذَلِكَ كُلِّهِ:

يَا لَيْتَ أمْلِكُ أَنْ أُحِبَّكِ

مَرَّةً أُخْرَى؛

لِكَيْ أُوفِيكِ بَعْضَ غَلَاكِ...

فَجَمِيعُ حُبِّي مَرَّةً

لَوْ أَنَّنِي جَمَّعْتُهُ

لَم يُوفِ حَقَّ البُؤبُؤَيْنِ بِمُقْلتَيْكِ

وَلا يَطَالُ عُلَاكِ...

أَوْ لَيْتَ أمْلِكُ أَنْ أُعِيدَ وِلادَتِي

لِأَكُونَ تَوْأَمَ نَاصِرٍ

عَلِّي إِذَا كَرَّرتُ نَفسِي

أَنْ أُحِيط هَوَاكِ...

16/11/2017م

الشَّوق:

-11-

أمَّا عَنِ الأَشْوَاقِ – يَا طَمَّاعَتِي –

يَا زَوجَتِي وَأَمِيْرَتِي

فَأَنَا الحُسَينُ – حَبِيبَتِي-

وَالشَّوقُ عَاشُورَاكِ....

إِنِّي نَظَرتُ

إِلَى جَمِيعِ العَاشِقِينَ وَشَوقِهِمْ

فَوَجدتُ أَشْعَارِي بِشَوْقِي فِيكِ

فَاقَتْ وَصْفَهُمْ

أَوَتَسْأَلينَ؛

كَأَنَّ شِعري سَابِقَاً بِالشَوْقِ مَا أَوْفَاكِ؟!...

هَلْ تَعْلَمينَ

بِأَنَّ أَلْمَاسِي وَفُولاذِي،

يَذُوب كِلَاهُمَا صَهْراً بِدُونَ رُؤَاكِ؟!...

هَل تَعْلَمينَ بِأَنَّني

إِنْ نِمْتُ أَرْجُو فِي المِنَامِ أَرَاكِ؟!...

وَإِذَا صَحَوْتُ لِوَاقِعِي

 أَرْجُو المَنَامَ لِكَي أَعُودَ أَرَاكِ؟!...

هَل تَعْلَمينَ بِأَنَّ نارَ الشَّوقِ بِي،

قَرَّبتُهَا مِنْ مَوْقِدِي،

فَتَحوَّلَتْ نِيرَانهُ ثَلْجَاً بِغَيْرِ حَرَاكِ؟!...

هَل تَعْلَمينَ بِأَنَّني حَاوَلتُ إِطْفَاءَ اللَّهِيبِ

بِأَنْ سَبحَتُ بِبِرْكَةٍ؛

فَتَبَخَّرتْ كُرْمَاكِ؟!...

هَل تَعْلَمينَ بِأَنَّ آهَ الشَّوقِ بِي،

أَخْرَجْتُهَا مِنْ أَضْلُعِي،

فَرَأَيتُ نَارَاً مِنْ فَمِي،

خَرَجَت تُرِيدُ عِرَاكِي؟!...

هَل تَعْلَمينَ بِأَنَّ شَوقي

وَاحِدٌ مِنْ عَشْرِ أَسْبَابٍ

لِنَقْصِ المَاءِ فِي الدَّنْيَا؟!

فَيَا رُحْمَاكِ!!...

وَلِأَجلِ هَذَا وَاجِبٌ

ألَّا يَمُرَّ اليومُ إلَّا حِينمَا

أُنْهِيهِ بِاسْتِسْقَاءِ مَاءِ الغَيثِ فِي رَمْضَاكِ...

هَل تَعْلَمينَ بِأَنَّني

مِنْ شِدَّةِ الأشواقِ قَدْ سُمِّيتُ بِالفَتَّاكِ؟!...

هَل تَعْلَمينَ بِأَنَّني مَعْ كُلِّ هَذَا عَاجِزٌ

عَنْ وَصْفِ شَوْقِي فِي سَمَا عَنقَاكِ؟!...

وَجَمِيعُ ذَلِكَ يَنتَهِي

لمَّا أَرَاكِ أمَامَ عَينِي

أَوْ يَزُخُّ شِتَاكِ...

أفَهَلْ أجَبْتُكِ يَا تُرى؟!

أمْ هَلْ أُضيفُ عَليهِ مَا يَخْفَاكِ...

لَمْ يَبْقَ إلَّا أنْ أقولَ

بِأنَّ شَوقِي قَد يُضِيءُ الكَونَ

مِنْ قَبَسِ اللَّظَى فِي عَتْمَةِ الإِحْلَاكِ...

16/11/2017م

الْغَيْرَةُ:

-12-

لا تَسْأَلِي عنْ غَيْرَتِي – يا مُهْجَتِي-

فَأَنَا الحُسَيْن – حَبِيبَتِي-

وَالغَيْرَةُ الحَمْرَاءُ عَاشُورَاكِ...

إِنِّي أَغَارُ مِن السَّمَاءِ لِأَنَّهَا أَعْلَاكِ...

إِنِّي أَغَارُ مِن الهَوَاءِ؛

لِأَنَّهُ دَوْمَاً يُحِيطُ لِوَاكِ...

وَمِنَ الشَّهِيقِ مِن الزَّفِيرِ

وَمِنْ نَسِيم هَوَاكِ...

إِنِّي أَغَارُ مِن التُّرَابِ؛
لِأَنَّهُ قَد نَالَ مَكرمَةً

وَدَاسَتْ وَجْهَهُ قَدَمَاكِ...

إِنِّي أَغَارُ مِن الضِّيَاءِ

وَمِن شُعَاعِ النُّورِ أَنْ يَرْتَدّ عَنكِ

وَعَن جَمِيل رِدَاكِ...

إِنِّي أَغَارُ مِن المِيَاهِ؛

لِأَنَّها قَد نُعِّمَتْ وَمَضَتْ إِلَى أَمْعَاكِ...

حَتَّى أَغَارُ مِن الثِّيَابِ

مِنَ العُطُورِ، مِنَ الفِرَاشِ

وَمِن رَقِيقِ غِطَاكِ...

-13-

لا تَسْأَلِي عنْ غَيْرَتِي – يا مُهْجَتِي-

فَأَنَا الحُسَيْن – حَبِيبَتِي-

وَالغَيْرَةُ الحَمْرَاءُ عَاشُورَاكِ...

إِنِّي أَغَارُ مِنَ السِّوَارِ؛

لِأَنَّهُ قَدْ زَيَّنَتْهُ يَدَاكِ...

وَأَغَارُ مِنْ خَلْخَالِ رِجْلِكِ

حِينَمَا يَهْتَزُّ مُخْتَالاً عَلَيَّ

كَأَنَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِ حِمَاكِ...

وَأَغَارُ مِن حَلَقٍ تَدَلَّى

إِذْ تَأَرْجَحَ فِي المَلَاهِي

وَاسْتَبَاحَ فَضَاكِ...

-14-

لا تَسْأَلِي عنْ غَيْرَتِي – يا مُهْجَتِي-

فَأَنَا الحُسَيْن – حَبِيبَتِي-

وَالغَيْرَةُ الحَمْرَاءُ عَاشُورَاكِ...

إِنِّي أَغَارُ مِنَ الصَّلاةِ؛

لِأَنَّهَا قَد أَلَّفَتْ يُسْرَاكِ مَعْ يُمْنَاكِ...

وَأَغَارُ مِنْ قَدَمَيْكِ

حِينَ أَسِيرُ فِي أَرْضٍ عَلَيْهَا بِالْحَنَانِ خُطَاكِ...

وَأَغَارُ مِن قَلْبٍ, وَمِنْ كَبْدٍ،

وَمِن رِئَةٍ، وَمِن أَعْضَاكِ...

حَتَّى أَغَارُ عَلَيْكِ مِنْكِ،

وَمِنْ عُرُوقِ دِمَاكِ...

-15-

لا تَسْأَلِي عنْ غَيْرَتِي – يا مُهْجَتِي-

فَأَنَا الحُسَيْن – حَبِيبَتِي-

وَالغَيْرَةُ الحَمْرَاءُ عَاشُورَاكِ...

إِنِّي أَغَارُ عَلَيْكِ مِن شِعْري،

وَمِنْ وَصْفِي, وَمِنْ غَزَلِي،

وَمِنْ إِدْرَاكِي...

وأَغَارُ مِنْ شَوْقِي إِلَيْكِ؛

لِأَنَّهُ يَهْتَاجُ فِي ذِكْرَاكِ...

وَأغَارُ مِنْ قَلبِي الَّذِي

شِرْيَانُهُ وَوَريدُهُ يَتَمَتَّعَانِ

بِسَيْلِ دَمٍّ فِي رُبَى نَعْمَاكِ...

وأَغَارُ مِنْ عَقْلِي الَّذِي لَوْ نَامَ

أَوْ لَو جُنَّ لَنْ يَنْسَاكِ...

وأَغَارُ مِنْ حُلْمِي الَّذِي لا يَزْدَهِي

إِلَّا بِرُؤيَةِ وَجْهكِ الضَّحَّاكِ...

وَأَغَارُ مِنْ صَمْتِي

يَقُولُ بِبَاطِنِي: اللهُ مَا أَبْهَاكِ...

وأَغَارُ إِنْ أَنْصَتِّ لِي

فَالعَيْنُ تَرْسُمُ فِي السُّكُوتِ لُمَاكِ...

-16-

لا تَسْأَلِي عنْ غَيْرَتِي – يا مُهْجَتِي-

فَأَنَا الحُسَيْن – حَبِيبَتِي-

وَالغَيْرَةُ الحَمْرَاءُ عَاشُورَاكِ...

إِنِّي أَغَارُ؛

أَغَارُ مِنْ شَفَتَيَّ, مِنْ عَيْنَيَّ، مِنْ أُذُنَيَّ،

مِنْ كَفَّيَّ, مِنْ قَدَمَيَّ،

مِنْ كُلِّ الَّذِي سَخَّرتُهُ لِرِضَاكِ...

وأَغَارُ مِنْ جِلْدِي وَمِنْ دَمِّي،

وَمِنْ عَصَبِي, وَمِنْ لَحمِي،

وَمِنْ كُلِّي, وَمِنْ بَعضِي،

وَمِنْ كُلِّ الَّذِي لَمْ يَحتَفِلْ بِسِوَاكِ...

حَتَّى أَغَارُ عَليكِ مَنِّي حِينَمَا

أَشْتَمُّ مِنكِ أَريْجَكِ الْمُتَذَاكِي....

-17-

لا تَسْأَلِي عنْ غَيْرَتِي – يا مُهْجَتِي-

فَأَنَا الحُسَيْن – حَبِيبَتِي-

وَالغَيْرَةُ الحَمْرَاءُ عَاشُورَاكِ...

إِنِّي أَغَارُ؛

أَغَارُ إِنْ نَادَاكِ غَيْرِي

وَالتَفَتِ لِتَنْظُرِي

أَوْ حَدَّقَتْ – فِي أَيِّ شَيْءٍ- صُدْفَةً عَيْنَاكِ...

وَأَغَارُ مِنْ سَمَّاعَة التِّلِفُونِ

مِنْ كُل الَّذِي بِالعِيدِ قَدْ هَنَّاكِ...

وَأَغَارُ مِمن حُرِّمُوا حَقَّاً عَلَيْكِ؛

أَغَارُ إِنْ صَافَحْتِ أُمَّكِ

مِنْ أَصَابِعهَا الحَنُونَةِ

حينَمَا تَرْعَاكِ...

وَأَغَارُ إِنْ مَازَحْتِ أُختَكِ

أَوْ نَظَرتِ لِوَجهِهَا،

أَوْ أَرْهَفَتْ لِكَلَامِهَا أُذُنَاكِ...

وَأَغَارُ مِن حُلْمٍ إِذَا أَبْصَرتِ فِيهِ أَبَاكِ...

وَأَغَارُ مِنْ أَبْنَاءِ أُختكِ،

مِنْ بَنَات أَخِيكِ،

مِنْ طِفْلٍ إِذَا قَبَّلْتِهِ

أَوْ لَامَسَتْ وَجَنَاتِهِ شَفَتَاكِ...

وَأَغَارُ مِن ابنِي الَّذِي سَيَكُونُ فِي أَحْشَاكِ...

-18-

لا تَسْأَلِي عنْ غَيْرَتِي – يا مُهْجَتِي-

فَأَنَا الحُسَيْن – حَبِيبَتِي-

وَالغَيْرَةُ الحَمْرَاءُ عَاشُورَاكِ...

إِنِّي أَغَارُ مِن الجَمِيعِ

وَكلِّ شَيْءٍ بَاتَ فِي دُنْيَاكِ...

إِنِّي أَغَارُ؛ فَأَنْتِ لِي

إِنْسِيَّتِي، جِنِّيَّتِي، حُورِيَّتِي، وَمَلَاكِي...

إِنِّي أَغَارُ حَبِيبَتِي وَكَفَاكِ...

أَفَهَلْ أَجَبْتُكِ يَا تُرَى؟!

أَمْ هَل أُضِيفُ بِأَنَّهُ

لمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ أَغَارَ

مِنَ الَّذِي بِجَمِيعِ ذَاكَ حَبَاكِ...

سُبْحَانَ مَنْ سَوَّاكِ...

16/11/2017م

الْخَاتِمَة:

-19-

نَجْلَاء؛ لَا تَتَسَاءَلِي عَنْ غَيْرَتِي،

أَو نَارِ شَوقِي مَرَّةً أخرَى،

فَقَد تَتَفَجَّرُ الأَلْغَامُ مِنْ رَدِّي،

وَمِن أَصدَاكِ...

لَا تَسْتَفِزِّينِي؛

فَقَد تَتَوَرَّطِينَ إِذَا عَلِمتِ بِأنَّنِي

سَأَظَلُّ أَكتُبُ فِيكِ أَشعَارَاً

لِحِينِ هَلَاكِي...

إنِّي اصطَفَيتُكِ؛

إِذْ جَعَلتُكِ فِي ضُلُوعِي فَاكْتَفِي؛

فَضُلُوعُ صَدرِي كُلُّهَا أُمَرَاكِ...

وَعُرُوقُ جِسْمِي كُلُّهَا وُزَرَاكِ...

وَجَوَارِحِي شُهَدَاكِ...

أَمَّا الحَوَاسُ فَكُلُّهَا شُعَرَاكِ...

وَالْقَلبُ عَبْدٌ خَادِمٌ,

وَالنَّبْضُ فِيْهِ إِمَاكِ...

وَلِذاكَ أنتِ مَلِيكَتِي،

وَأَنَا أُحِيطُكِ دَائمَاً،

سَأَظَلُّ حَوْلَكِ،

عَنْ يَمِينِكِ، عَنْ شِمَالِكِ،

مِنْ أَمَامِكِ – دُرَّتِي – وَوَرَاكِ...

حَتَّى اعتِكَافُكِ،

لَنْ تَكُونِي فِيهِ دُونَ رِعَايَتِي

إنِّي مَلَاكٌ حَافِظٌ،

مَا دَامَ ربُّ الكونِ قَد أَبْقَاكِ..

-20-

هَذَا قَلِيْلُ عَطَاءِ حِبْرِي؛

هَلْ تُرَى أَشْفَى غَلِيلَكِ بِالَّذِي أَعطَاكِ؟!؟...

وَكَتَبتُ سِمْفُوْنِيَّتِي بِعُجَالةٍ؛

عَلِّي أَحُوزُ جَنَاكِ...

فَقَصِيْدَتِي مَهْمَا اَرتَقَتْ؛

لَن تَحتَوِي إِطرَاكِ...

هَذَا امْتِحَانُكِ لِي؛

فَهَلْ كَانتْ إجابَاتِي كَمَا تتَوقّعِينَ؟

وَهَلْ تُرَى أَسْقَيْتُ رُوْحَ ظَمَاكِ؟!؟...

أَمَّا إِذَا قَصَّرتُ بِالْكَلِمَاتِ؛

فَلْتَتَقَبَّلِي جُهْدَ المُقِلِّ

أَمَامَ صَرحِ إِبَاكِ...

لَكِنَّمَا إِيَّاكِ أنْ تَتَجَرَّئِي

أَنْ تَحرِمِيني ظِلَّ حُبِّكِ إنَّنِي

لَا أرتَضِي عَيْشَاً بِلَا أفْيَاكِ...

لَا تُنْقِصِي أَنوارَ وَجهِكِ إنَّنِي

لَا أُبْصِرُ الدُّنيَا بِلَا أَضْوَاكِ...

-21-

إِنِّي أُكَلِّمُهُم بِفَوْقِ طَبِيعَةٍ

بِالمُعجِزَاتِ أُحَاكِي

أَنْا بِاليَقِينِ مَلَكْتُ قَلْبَكِ كُلَّهُ

وَمَلَكْتِنِي لَمَّا اليَقِينُ أَتَاكِ...

يَستَغربونَ, وَبَعضُهمْ سَيَقُولُ:

هَذا بالجُنونِ مُبالِغٌ؛

لَا يَعلَمونَ بِحُرقَتِي وَتَعَطُّشِي وَرِوَاكِ...

لَا يَعْرِفُونَ بِجُرْأَتِي وَحَيَاكِ...

لَا يَشْعُرُونَ بِريبَتِي وَتُقَاكِ...

إِنْ لَم يَكُونُوا بِالهَوَى مَرْضَى

وَجُنَّ جُنونهُم بِالعِشْقِ مِثْلِي

لَا وَلَن يَتَفَهَّمُوا حَالِي

وَسِرَّ شِفَاكِ...

لَا أَسْتَحِي إِنْ قِيلَ أَنِّي

بِالفِصَامِ وَبِالعُصَابِ وَبِالذُّهَانِ

وَبِالتَوَهُّمِ والهيَاجِ مُهَلْوِسٌ

مَا دُمْتِ تَحْتَفِظِينَ لِي بِدَوَاكِ...

مَا هَمَّنِي الهَذَيَانُ وَالضرَّاءُ فِي سَرَّاكِ...

-22-

أَنَا لَا أُريدُ مِنَ الزَّمَانِ هَديَّةً أو بَهجَةً

إنَّ السَّعَادَةَ نَغْمَةٌ لِصَدَاكِ

وَقَدِ اكْتَفَيتُ بِفَرحَتِي

لَمَّا عَرَفتكِ بَهْجَتِي

وَشَرِبْتُ بَعدَ تَعَطُّشِي مِنْ مَاكِ...

فِي كُلِّ شَيءٍ فِيْكِ أَلْمَسُ رَحمَةً

وَلَطَافَةَ الأمِّ الْعَطُوْفَةِ رأْفَةً

إلَّا بِبُعدِكِ؛ آهِ مَا أقسَاكِ...

مَنْ قَالَ أنَّ المَوتَ مَوتٌ وَاحِدٌ

إنِّي أرَى فِي البُعدِ أَلْفَ هَلاكِ...

وَأَمُوتُ فِي لَحَظَاتِ بُعدِكِ إنَّمَا

أَحيَا إِذَا أَيقَظتنِي لِصَلَاةِ فَجرِي

أَوْ سَمَاعِ دُعَاكِ...

أَوْ حِينَ يَغمُرُ وَجهُكِ الْبَسَّامُ

شَاشَةَ هَاتِفِي,

وَيرِنُ بِالْلَحنِ الَّذِي خَصَّصتُهُ لِنِدَاكِ...

-23-

إِنِّي أَنَا المَهوُوسُ بِالْهَيْفَاءِ

فَكَأَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَيَّ

مِنَ السَّماءِ هَدِيَّةً حَوْرَائِي

عَجَبَاً لِأَرْضٍ تَحْتَوِيهَا

كَيْفَ حُورُ العِيْنِ فِيهَا

كُلَهنَّ، جَمِيعُهنَّ،

جُمِعْنَ فِي نَجْلَائِي

لَا عَيْبَ فِيكِ أَرَاهُ

إِلَّا فِي الدَّلالِ

وَبَعْضِ بَعْضِ دَهَاكِ...

يَا وَرْدَةً جُورِيَّةً مِنْ دُونَمَا أِشْوَاكِ...

-24-

لا تَسْأَلُوا:

إِنِّي رَهِينُ دَلَالِهَا وَسَجِينُهُ

وَهِيَ ارتِهَانِي فِي النُّهَى،

وَفِكَاكِي...

وَيْحُ القَوَانِينِ الَّتِي قَدْ قَيَّدَت أَيَّامنَا

أَوْ بَعْثَرَتْ أَحْلَامنَا

مَع أَنَّهَا جَهلَتْ بِأَنَّ حَمَامنَا

- لا يَسْتَرِيحُ - مُسَافِرٌ وَمُثَابِرٌ

حَتَّى يُلَمْلمَ عُشّنَا

مِن كُلِّ قَشٍّ طَامِعٍ بِثَنَاكِ...

-25-

لَا تَعجَبُوا مِن حُبِّنَا؛

فَاللهُ يَشْهَدُ أنَّنَا،

فِي اللهِ نَجمَعُ شَمْلَنَا

لَا حُبَّ كَاهِنَةٍ،

وَلَا أَفَّاكِ...

فَبِرُغْمِ أَعْدَائِي، وَكَيْدِ الكَائِدِينَ

وَرُغم أَعْدَاءِ المُنى؛ أَعْدَاكِ...

وَبِرُغْمِ سِحْرٍ أَسْوَدٍ

وَضَعُوهُ فِي قَبْرٍ؛

لِأَجْلِ فَنَاكِ

سَأُريكِ مَكْرَ المَاكِرِين يُحِيقُهُم

وَأُرِيكِ سِحْرَ السَّاحِرِينَ يُصِيبُهُم

وِسِتِعْرِفِينَ بِأَنَّنَي – بِاللهِ –

قَدْ أَضْنَيْتُ مَنْ أَضْنَاكِ...

أَقْدَارنَا أَنْ نَنْحِتَ الأَفْرَاحَ

مِن صَخْر الأَسى

كَيْ نُنبِتَ الأَزْهَارَ مَا بَيْنَ الحَصَى

كَيْ نُشْرِقَ الأَنْوَارَ مِن كَبَدِ الدُّجَى

وَاللِّذَّة الكُبْرَى لَنَا

بَعْدَ العَنَا

بِالاحْتِفَالِ بِبُؤْسِهِم وَهَنَاكِ...

بِالاكْتِمَال بِلَيْلهم وَضِيَاكِ...

-26-

أمَّا أَنَا؛

فَلَئِنْ بَدَوتُ لَكُمْ

كَصَاحِبِ سُلْطَةٍ وَمُحَنَّكٍ مُتَاذَاكِ...

إنِّي أُقِرُّ بِأنَّنِي

سَلَّمتُ فَوْرَاً رَايَةَ النُّسَّاكِ...

إذْ لَا مَجَالَ لِكي أُقَاومَ ثَوْرَةً

والثَّائِرُونَ مَشاعِرِي،

وَالْحَاكِمُونَ كَذَاكِ.

16/11/2017م