01‏/02‏/2015

نَسَائِمُ عِطرٍ ...... د. ناصر السخني



رُبّمَا نَصبرُ عَلَى العيْشِ مَع قِلَّةِ الأَكلِ والشُّربِ, ولَكِنَّنَا كَبَشَرٍ لا يُمكنُ أنْ نَعيشَ دونَ الحُبِّ.






-1-
مَرَرتُ مَسَاءً بِدُكَّانِ عِطرٍ ؛ فَزَادَتْ عُطورُهُ شَوقِي اشْتِعَالَا
وَصِرتُ أُنَقِّبُ بينَ الروائِحِ عن عطرِ كَفَّيكِ حتَّى استَحَالَا
لِأنَّ  أَرِيجَكِ  يَحتَلُّ شَمِّيَ مُذْ فَاحَ مِنكِ  وَفِي الدَّمِ سَالَا
فَأيْقَنتُ  أَنِّي  أَسِيرٌ بِسِجنِكِ مُنذُ عَرَفْتكِ  وَالْقَلْبُ  مَالَا

-2-
جَلَسْتُ أُفَكِّرُ  كَيفَ اجْتَمَعنَا  كَحَبِّ نَدَىً  فَوْقَ وَرْدٍ تَلَالَا
وَقَد كَانَ حُبُّكِ أَضْعَافَ حُبِّي  وَأقدَمَ, أَجمَلَ, أَكمَلَ  حَالَا
لَقَد كُنتِ أَحسَنَ مِنْ كُلِّ ظَنِّي وَإِنْ كَانَ ظَنِّي يَفُوقُ الخَيَالَا
كَفَانِي  بِأَنِّي  ظَفِرتُ  بِمِثلكِ   حَتَّى  أُفَاخِر   أَوْ   أَتَعَالَى

-3-
يَقُولُونَ: حُبُّكَ  نَاقِصُ  حَظٍّ ؛ لِأنَّ  المَسَافَةَ  تَبْنِي  جِبَالَا
ولَا  يَعْلَمُونَ  بِأشواقِنَا  كَيفَ  زَادَتْ هِيَامِي عُلَىً  وَاكْتِمَالَا
وَمَنْ ذَا يَقِيْسُ الهَوَى بِالوِصَالِ ؛ فَأَكْمَلُ حُبٍّ؛ أَقَلُّ وِصَالَا
وَأَنتِ كَمَا الغَيْثُ مَهمَا يَقِلُّ ؛ فَعِنْدَ الهُطُولِ يُكُون احتِفَالَا

-4-
أَرَانِي  بِحُبِّكِ  عُدتُ  ثَلاثِينَ  عَاماً  وَرَاهقْتُ  فِيكِ  ابْتِهَالَا
وَقد كُنتُ بِالآهِ أَكْتُبُ شِعرِي وَأصبَحتُ أَكتُبُ فِيكِ ارتِجَالَا
وَلَيتَ  نَسَائِمَ  عِطْرِكِ  تَهدْأُ   كَيْ  أَستَعيرَ   لِعَقْلِي   مَجَالَا
وَمَن لَمْ يَذُقْ مُرَّ شَوْقِ الحَبِيبِ؛ فَلَنْ يَسْتَسِيغَ المِياهَ الزُّلَالَا

-5-
وَلَسْتُ  أُقدِّرُ  مِقدَارَ  عِشقِي ؛ فَليْسَ  يَعِيه  سِوَاهُ  تَعَالَى
كَأَنِّيَ  قَبلَ  الوِلادَةِ  أَهوَى   وَحِيْنَ  وُلِدْتُ  نَمَا وَاسْتَطَالَا
وَمَا  زَالَ يَكبُرُ فِيَّ بِصَمْتٍ ؛ وحينَ التقيتُ بِنجلاءَ ؛ قَالَا
قَدِ اسْتَعمَرتنِي, وَلَا لَنْ أَثُورَ ؛ فَأجمَلُ حُبٍّ يَكُونُ احْتِلَالَا

-6-

تَمَنّيتُ أَنْ أُمطِرَ  النَّاسَ حُبَّاً ؛ فَغَيماتُ قَلبِي  بِغَيْثِي حَبَالى
وَلكِنَّ  عَصرَ التَّقدُّمِ يَطْغَى  وَفِيهِ  المَشاعِرُ صَارَت  كُسَالى
وَلوْ  قَبِلوا  بِالغَرامِ  النَّقيِّ ؛   لَأَصبَحَ  كُلُّ  الكُهولِ  عِيَالَا
وَلوْ أَشرَقَتْ فِي القُلوبِ المَحبَّةُ  عَمَّ السَّلامُ ، وَزِدْنَا جَمَالا





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق